إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
50155 مشاهدة
قول الإمام مالك في الاستواء

ص (سئل مالك بن أنس الإمام رضي الله عنه فقيل: يا أبا عبد الله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ثم أمر بالرجل فأخرج).


س 31 (أ) ما مراد هذا السائل. (ب) وما معنى جواب مالك (ج) ولماذا جعله مبتدعا. (د) وبين دلالة هذا الجواب.
ج 31 (أ) أراد هذا السائل البحث عن كيفية الاستواء هل هي معلومة وهل هي كاستواء المخلوق أم لا؟.
(ب) قوله: الاستواء معلوم. أي مفهوم لكل عربي، فإنه إذا عدي بعلى- كما هنا- أفاد العلو والارتفاع، كقوله تعالى فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ وقوله لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ أي تعلوها، وتستقروا فوقها، فالاستواء معلوم، يفسر، ويترجم من لغة إلى لغة؟ وأما الكيفية فمجهولة للبشر، لقصور علمهم عن الإحاطة بالله وصفاته؟ وقوله: والإيمان به واجب. أي يلزم التصديق به، واعتقاده حقا، حيث ثبت بالدليل، وتواردت عليه الآيات.
(ج) وأما السؤال عن الكيفية فبدعة، لم يُؤْثر عن السلف وعلماء الأمة، وإنما كانوا يقرؤون الآيات، ويقرونها على ما هي عليه، ولا يتقعرون وراء ذلك.
(د) وهذا الجواب عظيم القدر، وقد روي قريب منه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك وروي أيضا عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفا عليها، وروي عنها مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه الإقرار بأن الاستواء مفهوم، وأن له كيفية، وتلك الكيفية مجهولة. ولو كان الإمام مالك رحمه الله ينكر الاستواء لما قال إنه معلوم، ولما كان له كيفية يحتاج إلى السؤال عنها.